أحمد البيضاوي

البيضاوي يشدو بأشهر قصيدة في مدح الرسول

لحن وغنى  “البردة” وأبدع “تحية رمضان” وأنشد العديد من القصائد الدينية المرتبطة بالشهر المبارك 

وليد السجعي

من أشهر القصائد في مدح النبي محمد (صل الله عليه وسلم)، التي انتشرت انتشارا واسعا في البلاد الإسلامية، حيث يقرأها بعض المسلمون كل ليلة جمعة وطيلة أيام رمضان،  قصيدة البردة أو قصيدة “البرأة” أو “الكواكب الدرية في مدح خير البرية”، كتبها محمد بن سعيد البوصيري في القرن السابع الهجري، ولحنها وغناها الموسيقار المغربي الراحل أحمد البيضاوي.

وأجمع معظم الباحثين على أن هذه القصيدة من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوي إن لم تكن أفضلها، حتى قيل “إنها أشهر قصيدة مدح في الشعر العربي بين العامة والخاصة”.

وأقاموا لها مجالس عرفت بمجالس البردة الشريفة، أو مجالس الصلاة على النبي. يقول الدكتور زكي مبارك “البوصيري بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق، فعن البردة تلقى الناس طوائف من الألفاظ والتعابير غنيت بها لغة التخاطب، وعن البردة عرفوا أبوابا من السيرة النبوية، وعن البردة تلقوا أبلغ درس في كرم الشمائل والخلال. وليس من القليل أن تنتشر هذه القصيدة في مختلف الأقطار الإسلامية، وأن يكون الحرص على تلاوتها وحفظها من وسائل التقرب إلى الله ورسوله”.

والإمام البوصيري هو محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله بن صهناج بن ملال الصهناجي،

أما قصة نظمه لهذه القصيدة كما رواها بلسانه “كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها ما كان اقترحه علي الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير، ثم اتفق أن أصابني فالج أبطل نصفي، ففكرت في عمل هذه البردة، واستشفعت به إلى الله تعالى في أن يعافيني، وبكيت ودعوت وتوسلت، ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه

وسلم، فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى علي بردة فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحدا، فلقيني بعض الفقراء فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت أيها؟ فقال “التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولها” وقال “والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمايل وأعجبته وألقى على من أنشدها بردة، فأعطيته إياها، وذكر الفقير ذلك وشاع المنام إلى أن اتصل بالصاحب بهاء الدين ابن حنا، فبعث إلي وأخذها وحلف ألا يسمعها إلا قائما حافيا مكشوف الرأس”.

أما أحمد البيضاوي، فهو الملحن والمطرب المغربي، الذي طبع المشهد الفني المغربي والعربي بمجموعة كبيرة من القصائد التي لحنها وأدى معظمها بصوته مثل “أضحى التنائي”، و”باعدت بالإعراض”، و”ما للمدام”، و”يا غزالا”، و”إليك من الأنام”، وغيرها من قصائد شاعر الأندلس الأول ابن زيدون، و”أنشودة الحب”، و”يا بسمة الأمل”، للراحل علال الفاسي، و”انتظار” لعلي محمود طه، و”كم بعثنا مع النسيم سلاما”، و”أفديه إن حفظ الهوى”، و”منك يا هاجر دائي”، التي أهداها لسمية قيصر.

ولد أحمد البيضاوي، واسمه الحقيقي أحمد شهبون، عام 1918 بالدارالبيضاء.

تعلم العزف على العود حتى صار من أمهر العازفين، وأدى أول أغانيه في الأربعينيات من القرن الماضي، على العود فقط سنة 1946، ما جعل الملك الراحل محمد الخامس طيب الله تراه، يكلفه رفقة عباس الخياطي، والغالي الخياطي، والحاج عبد القادر صالح، بتأسيس جوق موسيقي وغنائي مغربي.

أثناء حياته الحافلة بالعطاء والتجديد لحن البيضاوي وغنى عشرات الأغاني الدينية التي ارتبطت بشهر رمضان المبارك منها “البردة”، و”تحية رمضان”، و”شمس الهدى”.

كان وراء تشجيع الكثير من المطربين في إطار مسؤولياته داخل الإذاعة، وكان وراء ظهور العديد من العازفين والملحنين والمطربين، واتجه أسلوبه بشكل واضح نحو القصيدة العربية الفصحى، وإلى جانب أنه من كبار الملحنين المغاربة والعرب، فإنه صوت غنائي متميز.

وكان فريد الأطرش يبعث بأغانيه الجديدة إلى البيضاوي باسمه الخاص، كما كان معجبا بعزف البيضاوي على العود، معتبرا إياه من عمالقة العزف في العالم العربي.

ورغم رحيله، يبقى أحمد البيضاوي، صوت الأغنية الرائد، وعازف العود والملحن والصوت الرخيم، الذي أغنى الخزانة الوطنية والعربية، بروائعه، التي ستظل خالدة.

 أمن تذكر جيران بذي سلم

أمن تذكر جيران بذي سلم                مزجت دمعا جرى من مقلة بدم

أم هبت الريح من تلقاء كاظمة         وأومض البرق في الظلماء من إضم

فما لعينيك إن قلت اكففا همتا          وما لقلبك إن قلت استفق يهم

أيحسب الصب أن الحب منكتم         ما بين منسجم منه ومضطرم

لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل     ولا أرقت لذكر البان والعلم

فكيف تنكر حبا بعد ما شهدت به عليك عدول الدمع والسقم

وأثبت الوجد خطي عبرة وضنى      مثل البهار على خديك والعنم

نعم سرى طيف من أهوى فأرقني     والحب يعترض اللذات بالألم

يا لائمي في الهوى العذري معذرة     مني إليك ولو أنصفت لم تلم

عدتك حالي لا سري بمستتر  عن الوشاة ولا دائي بمنحسم

محضتني النصح لكن لست أسمعه    إن المحب عن العذال في صمم

إني اتهمت نصيح الشيب في عذل     والشيب أبعد في نصح عن التهم

فإن أمارتي بالسوء ما اتعظت من جهلها بنذير الشيب والهرم

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

أحداث الحسيمة تجمد صحيفة “الوسط” البحرينة

أوقفت السلطات البحرينية صحيفة "الوسط" المستقلة عن الصدور لأجل غير مسمى، للمرة الثانية خلال سنة...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by Spam Master